الإخوان المسلمين والسعودية
هجوم سعودي صاعق على جماعة الأخوان
لماذا جماعة (الاخوان المسلمين)؟ ولماذا في هذا الوقت تحديداً؟ وهل ثمة بعد أمني وراء اللهجة العنيفة التي طبعت تصريح وزير الداخلية الامير نايف؟ هذه بعض أسئلة الدهشة التي أثارها المراقبون والصحافيون بل وحتى قادة الاخوان أنفسهم. المقالة التالية تحاول الاجابة على هذه الاسئلة واستكشاف ابعاد اللهجة الحادة للامير نايف في لقاء مع صحيفة (السياسة) المعروفة بميولها السديرية
A TELECHARGER freremusulmanetsaoudien.pdf
دور الإخوان المسلمين في تعاظم الأصولية
-1-
عندما تأسست جماعة الإخوان المسلمين في مصر عام 1928، كانت مصر قبل هذا التاريخ، وبعده، تعجُّ بالفكر الليبرالي المصري والفكر الليبرالي الشامي الذي جاء لاجئاً إليها، وهارباً من الاضطهاد العثماني، ثم من الاستعمار الفرنسي، وملاحقته للمثقفين القوميين، الذين كانوا يطالبون بالاستقلال والحرية. وكان الفكر الليبرالي يتمثل قبل 1928 ، وبعد هذا التاريخ بفرح أنطون، وشبلي شميّل، وعلي عبد الرازق، وطه حسين، وقاسم أمين، وعبد العزيز فهمي، وإسماعيل أدهم، وإسماعيل مظهر، ومحمد حسين هيكل، وغيرهم. وكان كافة هؤلاء يؤمنون بالعَلْمانية، وفصل الدين عن الدولة، الذي قال به الشيخ علي عبد الرازق في كتابه المشهور « الإسلام وأصول الحكم » عام 1925. كما كان كل هؤلاء يؤمنون بمساواة المرأة بالرجل بالحقوق والواجبات، وبالديمقراطية، والحرية السياسية، والاجتماعية، والثقافية. ومعظم هؤلاء إما أنهم درسوا في الغرب، أو اطلعوا على الثقافة الغربية وقرأوها. وهؤلاء جميعاً اغتبطوا لسقوط الخلافة الإسلامية في تركيا 1928. بينما واجه شيوخ الأزهر هذا الحدث بغضب شديد، وممانعة قوية، فكتبوا الكتب والمقالات، وكان من أشهر هذه الكتب كتاب مصطفى صبري الوكادي آخر مفتي للديار العثمانية الذي أصدر كتاباً بعنوان « النكير على منكري النعمة من الدين والخلافة والأمة ». وأصدر الشيخ رشيد رضا كتاباً آخر، بعنوان « الخلافة أو الإمامة العظمى ».
-2-
وعندما جاء الإخوان المسلمون، وجدوا هذا السد الكبير من الفكر والثقافة الغربية أمامهم. وكان عليهم إلا أن يستعينوا بالسلطة السياسية لمواجهة هذا المد الفكري والثقافي التغريبي. فأوحوا إلى الملك فؤاد، بإمكانية بعث الخلافة الإسلامية من جديد على يديه، وتنصيبه خليفة على المسلمين، باعتبار أن مصر أكبر بلد عربي، وأكثر بلد عربي يضم عدداً من شيوخ الأزهر، وعلماء الدين. واقتنع الملك فؤاد بذلك، واتصل بالشيخ مصطفى المراغي الذي أيّد الفكرة، ودعا إليها، ولكن كتاب علي عبد الرازق « الإسلام وأصول الحكم »، الذي نفى فيه وجود دولة دينية في الإسلام، كان العقبة الكأداء في وجه هذا المشروع.
-3-
وكرر الإخوان المسلمون المحاولة مرة أخرى 1937، لتتويج الملك فاروق في الأزهر بمساعدة شيخ الأزهر الشيخ محمد مصطفى المراغي وعلي ماهر باشا، وإعلان تنصيبه خليفة للمسلمين، مستغلين حبّ الشعب المصري الجارف للملك الشاب، ولكن حزب الوفد العَلْماني، كان قوياً في تلك الفترة، مما أمكنه من وقف ذلك، وعدم تنفيذه. وكان الإخوان المسلمون يطمعون من وراء ذلك الوصول إلى السلطة أولاً، عن طريق الخليفة الجديد فاروق بن أحمد فؤاد، ومحاربة الأفكار والقيم الغربية كالحداثة، التي بدأت تنتشر في مصر سياسياً، وثقافياً، وعلمياً. وهو ما يذكرنا بالمسيحية السياسية التي انتشرت في أوروبا، كرد فعل على الحداثة هناك.
-4-
قام الإخوان المسلمون، بإقناع الملك فاروق بإلغاء الأحزاب، التي كانت عنوان الديمقراطية المصرية، حيث لا ديمقراطية بدون أحزاب. والإبقاء على حزب واحد وهو حزب الله أي حزبهم فقط. ومصادرة كل الصحف والمجلات الموجود في الأسواق، ومنع الخلاعة في السينما والمسرح والإذاعة، وإعادة رجال الحسبة (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) لمراقبة الناس، وحثهم على أداء الصلاة، وتطبيق الأحكام الشرعية. كما دعوا الملك فاروق إلى وجوب تطبيق الشريعة والحدود الشرعية، ومنع الاختلاط في المدارس والعمل، وجعل مواقيت العمل تتفق مع مواعيد الصلاة، والوقوف في وجه تحديث مصر، الذي بدأه جده محمد على باشا والخديوي إسماعيل. وكأن الإخوان اقتنعوا بالإستراتيجية الأصولية المعروفة، وهي أن الطريق لإقامة الدولة الإسلامية والخلافة الإسلامية، تبدأ بأسلمة المجتمع أولاً، بمثل هذه الخطوات. وهذا ما يعملون عليه منذ ثمانين عاماً حتى الآن، ولكن يبدو أن طوفان الحداثة الغربية الغامر، الذي أصاب أطرافاً من العالم العربي، لم يسمح لهم حتى الآن بتحقيق هدفهم، الذي كان سياسياً بالدرجة الأولى، ويستعمل الدين كمطية للوصول إلى كرسي الحكم. ولا ننسى أن حسن البنا – كوسيلة للوصول إلى كرسي الحكم – كان قد رشّح نفسه للانتخابات النيابية عام 1942، وبدعم من القصر الملكي، الذي كان يكره حزب الوفد، ويميل إلى الإخوان المسلمين، الذين كانوا حلفاء أوفياء للقصر، وكانوا يطلقون على الديوان الملكي « الديوان الإسلامي ». ولكن مصطفى النحاس، أقنع البنا بالتراجع عن خوض الانتخابات، مقابل صفقة سياسية بين حزب الوفد وجماعة الإخوان المسلمين، نال فيها الإخوان، ما كانوا يطلبون.
-5-
يُحمّل معظم الباحثين الغربيين في شؤون الجماعات الأصولية (الإسلام السياسي) في العالم العربي الإخوان المسلمين مسؤولية تصاعد وتيرة الأصولية إلى الحد الذي نشاهده هذه الأيام ونحن في هذا العام 2009. فحيث تتمركز الأصولية في السعودية واليمن، يرى فرانسوا بورغا الباحث الفرنسي، الذي خَبُرَ هذه المنطقة جيداً، وأقام فيها سنوات طويلة، أن الإخوان المسلمين المصريين في اليمن، والذين هربوا من ملاحقات نظام عبد الناصر القمعي لهم، لعبوا دوراً مهماً في اشتداد عضد الأصولية فيها. فهم قد جاءوا إلى اليمن وعملوا في التعليم والتدريس. وذهبوا بأعداد كبيرة إلى الجزائر عام 1973، ليساهموا في خطة تعريب التعليم العالي، ونفذوا منها إلى المناهج التعليمية وإلى الإعلام، وإلى الالتقاء بجموع الناس في المساجد والمناسبات الدينية. وتعتبر حركة « مجتمع السلم » أحد أحزاب التحالف الرئاسي في الجزائر أكثر الأحزاب الجزائرية تأثراً بالإخوان المسلمين. وقد تأسست هذه الحركة سنة 1990 بزعامة الشيخ محفوظ نحناح، تحت اسم « حركة المجتمع الإسلامي » (حماس). وشارك الحزب في جميع الاستحقاقات السياسية، التي جرت في البلاد. ولها حوالي أربعين نائباً، و ثلاثة وزراء. والسبب في تسمية الحركة « مجتمع السلم » وليس « مجتمع المسلم »، هو أنه بعد الانفراج السياسي والتعددية في الجزائر، تأسست « حركة المجتمع الإسلامي » (حماس) وشاركت في الانتخابات البلدية والتشريعية وحتى الرئاسية، حيث نافس مرشحها ورئيسها محفوظ نحناح، الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وبعد إلغاء نتائج الانتخابات التشريعية 1992 وما بعدها، وضعت الدولة الجزائرية قانوناً جديداً للأحزاب، يقضي بعدم احتواء اسم أي حزب على كلمة إسلامي أو إسلام، لأن الإسلام هو الدين الرسمي للدولة، ولا يجوز أن يُقْحَم في التجاذبات السياسية. فغيّرت الحركة اسمها من « حركة المجتمع الإسلامي »، إلى « حركة مجتمع السلم ».
-6-
كذلك كان الحال بالنسبة للسعودية. ففي السعودية، اندسَّ الإخوان المسلمون في سلك التربية والتعليم، وأصبح جزء منهم مشرفين على وضع المناهج الدراسية، وقرروا بعض كتب سيّد قطب ككتب نصوص مدرسية، مثل كتابه الخطير « معالم في الطريق »، 1964، الذي كان يرمي المجتمع الحديث بالجاهلية. وأطلق في كتابه مقولة « جاهلية القرن العشرين »، ثم جاء شقيقه محمد قطب، الذي كان مدرساً في جامعة الملك عبد العزيز بجده، وألّف كتاباً بعنوان « جاهلية القرن العشرين » في 1992، وكان امتداداً وتعميقاً لما كتبه سيّد قطب في كتابه « معالم في الطريق ». كما قامت دور النشر السعودية[1]، بترجمة ونشر بعض كتب أبي الأعلى المودودي (الأب الروحي لسيّد قطب)، ومنها كتابه المهم، وباعث نظرية « الحاكمية » التي تبناها سيّد قطب (الحكومة الإسلامية)، وكتاب (مبادئ أساسية لفهم القرآن)، وكتاب (نظرية الإسلام وهديه في السياسة والقانون والدستور)، وكتاب (نحن والحضارة الغربية)، وكتاب (نظام الحياة في الإسلام)، وكتاب (تفسير سورة النور)، وكتاب (السُنَّة ومكانتها في التشريع الإسلامي)، وكتاب (أُسس الاقتصاد بين الإسلام والنظم المعاصرة ومعضلات الاقتصاد وحلها في الإسلام) وغيرها. وكذلك نشر كافة كتب سيّد قطب، وبعض كتب محمد قطب، ويوسف القرضاوي (المرجعية الفقهية العليا للإخوان المسلمين). وكانت هذه الدار بمثابة دار نشر رسمية للإخوان المسلمين في السعودية، تنشر كتبهم، وفكرهم، وأدبياتهم، وكتب، وفكر، من يعاضدونهم، كما هي عليه « دار الشروق » في القاهرة.
-7-
كما تغلغل كُتّاب الإخوان المسلمين، الذين هاجروا في الخمسينات والستينات إلى السعودية في الإعلام، وراحوا يكتبون في الصحافة السعودية بكثافة، وخاصة في جريدة « المدينة المنوّرة »، التي كانت تصدر في المدينة المنوّرة، ثم انتقلت إلى جده.[2] كما سيطر الإخوان على الصفحات والملاحق الدينية. وكان رئيس وزراء سوريا الأسبق (معروف الدواليبي) يكتب فيها بعد الأحيان. وكان الدواليبي من زعماء الإخوان المسلمين في سوريا، وكان من المثقفين والدارسين للقانون في فرنسا، وله مؤلفات إسلامية منها (الحركة التشريعية في الإسلام)، و (مدخل إلى علم أصول الفقه الإسلامي). ولجأ إلى السعودية عام 1963، بعد انقلاب حزب البعث، وعمل مستشاراً في الديون الملكي السعودي، منذ عام 1965.
الجريمة السياسية – إغتيال حسن البنا- الجزء الأول
الشيخ كشك يتحدث عن رؤية الامام البنا لسيدنا عمر بن الخطاب
Laisser un commentaire
Vous devez être connecté pour rédiger un commentaire.