تزوير الوهابية في العقيدة المنسوبة للإمام الصابوني 449هـ
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه وبعد ..
الإمام أبو عثمان الصابوني صوفي أشعري على طريقة أهل الحديث، وله عقيدة صغيرة على طريقة المحدثين، وله وصية طيبة مدرجة ضمن طبقات الشافعية للتاج السبكي، وكان هذا الإمام من جملة من أوذوا في الله في محنة أهل السنة في نيسابور مع الإمام القشيري وإمام الحرمين ابي المعالي، وكان من جملة من وقعوا على كلام القشيري في نصرة الأشاعرة، والشاهد الآن أن الحشوية طبعوا له عقيدته هذه ووقع فيها تزوير ظريف، وإليكم شرح القضية:
هذا غلاف طبعة بتحقيق عبدالله السبت الكويتي صادرة عن الدار السلفية بالكويت سنة 1397هـ:
وقد جاء النص المزور فيها هكذا:
فلاحظوا كيف غير المحقق للكتاب الكلمة من قبر إلى مسجد فنزع كلمة قبر والتي هي في الأصل واستبدلها بكلمة مسجد والتي لم تكن في الأصل ثم علق في الأسفل بتعليق يوضح منهجيته في التعامل مع كتب التراث الإسلامي!!!.
ثم جاء من بعده شخص آخر كان أكثر أمانة منه وأحمد منهجا فأخرج هذه الطبعة من الدار السلفية ـ ولعلها هي السابقة ـ وذلك سنة 1404هـ:
والتي جاء النص فيها سليما من التزوير هكذا:
والمضحك أن الطبعتين قد اضطربتا في اسم المصنف أمامك في الطبعتين على الغلاف، فجعلوه في الطبعة الأولى
(( أبو عثمان إسماعيل بن عبدالرحمن ))
وجعلوه في الثانية :
(( أبو إسماعيل عبدالرحمن بن إسماعيل )) !!
والمحقق الأول خلط بين أبي عثمان الصابوني وبين أبي إسماعيل الهروي في الترجمة!!
وقد كتب أحد الأفاضل سابقا تعليقا على نشري لهذا الموضوع قائلا:
((لافض الله فوك أستاذنا الأزهري..
و بالنسبة لما ذكر الفقير آنفا من الحديث عن التحريف الواقع في كتاب (عقيدة السلف أصحاب الحديث) هو في الحقيقة من صنع يد ثالثة، فالكتاب المومى إليه بالتحريف مطبوع في دار التوحيد للنشر والتوزيع، بتحقيق أبوخالد مجدي بن سعد، و قد أبدل كلمة (قبر) بكلمة (مسجد) ولم يشر في الهامش أن الأصل بخلاف ذلك بل أجرى الكلام هكذا وكأنها وردت بالأصل كذلك، وهذه خيانة علمية لاتعدوها خيانة، لكن لله الأمر من قبل ومن بعد، ولاحول ولاقوة إلا بالله.. ))اهـ
وفي كلام هذا الفاضل دليل على أن هناك طبعة مزورة ثالثة صدرت عن طريق « أبي خالد مجدي بن سعد » الذي أخرجها بواسطة « دار التوحيد للنشر والتوزيع » وأظنها بمصر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ثم وقفت عليها فإذا الأمر كما أخبر الفاضل المذكور وهذه صورة غلافها:
وهاكم النص فيها:
وهذه الطبعة المتطورة!! أهملت التنبيه بمرة فقامت بالتزوير على أحسن وجه، مع أن هذه الطبعة لا يتخلوا أن تكون معتمدة على الطبعة السلفية الأولى المزورة فزادت الطين بلة.
وقد رأيت هذا التزوير قد انتقل إلى الشبكة أيضا فهذه مواقع حشوية تواطأت على ذكر نفس النص مزورا دون أي تنبيه!! وفي الغالب هم نقلة بلا علم ولا فهم وهذه أمثلة فقط:
موقع كشف الشبهات
شبكة نائل
منبر التوحيد والجهاد
وهنا تنبيهات مهمة تتعلق بمتن الكتاب:
الأول : أن الكتاب نسخته الخطية سقيمة وناقصة ولهذا لم يتخذها محقق الطبعة الثانية أصلا.
الثاني : هناك اختلافات كثيرة بين النسخة الخطية وبين المطبوعات السابقة القديمة كالمنيرية، وفي الخطية دائما تأتي كلمة « أهل السنة » بدلا من كلمة « أهل الحديث »!!.
الثالث : أن في سند المخطوطة بعض من ليس يوثق كعلي بن أحمد بن زهير الراوي عن الصابوني لكنه لم ينفرد بالرواية بل توبع، لكن هل انفرد بالنسخة أم لا ؟ الله أعلم.
الرابع : سند المخطوطة والمطبوعة يدل على أن المتفردين بروايتها هم المقادسة الحنابلة وهذا فيه ما فيه.
الخامس : أن المحققين كان لهم تصرف في العنونة.
وأحب أن أتبع هذا المبحث بقطعة من ترجمة الإمام أبي عثمان الصابوني أنقلها من تاريخ دمشق للحافظ الإمام ابن عساكر الدمشقي الأشعري المتوفى سنة 571هـ وقد زرت قبره بدمشق إذ قال9/ 3ـ 14 :
ذكر من أسم أبيه عبد الرحمن ممن اسمه إسماعيل
(( إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد ابن إسماعيل بن إبراهيم بن عامر بن عابد أبو عثمان الصابوني النيسابوري الحافظ الواعظ المفسر
قدم دمشق حاجا سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة وحدث بها وقعد مجلس التذكير
وروى عن أبي طاهر بن خزيمة وأبي علي زاهر بن أحمد السرخسي الفقيه وأبي سعيد عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الرازي وأبي العباس أحمد بن محمد بن إسحاق البالوي … وخلق سواهم
وروى عنه من أهل دمشق أبو الحسن علي بن محمد بن شجاع الربعي وعلي بن الخضر السلمي وعبد العزيز الكتاني وأبو القاسم بن أبي العلاء وأبو العباس بن قبيس ومحمد بن علي بن أحمد بن المبارك الفراء وأبو الحسن علي بن الحسين صصرى … وغيرهم وحدثنا عنه أبو عبد الله الفراوي
أخبرنا أبو عبد الله الفراوي أنا الإمام أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد الصابوني أنا أبو سعيد عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الرازي أنا محمد بن أيوب الرازي أنا مسلم بن إبراهيم أنا هشام بن أبي عبد الله الدستوائي نا قتادة عن أنس بن مالك عن النبي قال يكبر ابن آدم ويكبر معه اثنتان حب المال وطول العمر رواه البخاري عن مسلم بن إبراهيم
أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني نا عبد العزيز بن أحمد أنا أبو عثمان الصابوني النيسابوري الواعظ قدم علينا فذكر حديثا
وأخبرنا أبو عبد الله قال أنشدنا الإمام أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد الصابوني لنفسه مالي أرى الدهر لا يسخو بذي كرم * ولا يجود بمعوان ومفضال ولا أرى أحدا في الناس مشتريا * حسن الثناء بإنعام وإفضال ولا أرى أحدا في الناس مكتنزا * ظهور أثنية أو مدح مقوال صاروا سواسية في لؤمهم شرعا * كأنما نسجوا فيه بمنوال
قال أبو عثمان ورأيت في بعض أجزائي مكتوبا طيب الزمان لمن خفت مؤونته * ولن يطيب لذي الأثقال والمؤن
فاستحسنته وأضفت إليه من قبلي * هذا يزجي بيسر عمره طربا وذاك ينماث في غم وفي حزن * فاجهد لتزهد في الدنيا وزينتها * إن الحريص على الدنيا لفي محن
قال وكنت قلت في غياب ولدي أبي نصر عبد الله الخطيب رحمة الله ورضوانه عليه غاب وذكراه لم يغب أبدا * وكان مثل السواد في الحدقة لو رده الله بعد غيبته * جعلت مالي لشكره صدقة
فلم يرد الله سبحانه وتعالى رده إلي وقضى قبض روحه في بعض ثغور أذربيجان متوجها إلى بيت الله الحرام وزيارة قبر نبيه محمد المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام فصبرا لحكمه ورضا بقضائه وتسليما لأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين وإلى الله جل جلاله الرغبة في التفضل عليه بالمغفرة والرضوان والجمع بيننا وبينه في رياض الجنان بمنه وكرمه …))اهـ بتصرف وقد طول الحافظ ابن عساكر ترجمته جدا فلتنظر في تاريخ دمشق.
للشيخ الازهري حفظة الله
Laisser un commentaire
Vous devez être connecté pour rédiger un commentaire.